أحلام خاسرة
أحلام خاسرة
نهى عراقي
تحاول ياسمين أن تخرج لشرفة غرفتها بعد أن تعافت من أزمتها الصحية، ثم جلست على كرسيها الهزاز في صمت الليل الساكن بكل أبجديات الصمت و لغته التي تبوح لا يفهمها إلا الغواصون في بحر النفس، فكانت تتأمل النجوم المتلألئة كأنها تبوح لها عما أصابها وصفقة عقدتها من أحلام خاسرة ونسجت قصة عشق بين الحاء والباء.
و يغافت جفنها النوم برهة ثم تستيقظ لتتذكر شريط حياتها منذ أن توفى زوجها منذ سبعة أعوام و ترك لها ولدان في الثانوية العامة و لم يترك لهم أي مصدر مادي لتلبية متطلبات الحياة، إنه تعرض لخسارة مادية فقد خسر كل ما يملك في مشروعه الخاص، فحاولت هى و أولادها أن يجتازوا تلك المحنة الصعبة و بفضل الله تجاوزوها و أنتهوا من دراستهم و كل منهما استلم عملاً جيداً، لكن الأم تعيش في وحدة دائمة تشعر دائما أنها ينقصها شيئاً ليس بالقليل فهى تشعر بإحتاجها لدفئ المشاعر لدرجة أنها تعرضت لأكثر من صدمة في أكثر من إنسان ظنت أن عنده ما يكمل نقصها من مشاعر و يشبع رغباتها العاطفية، فكانت جميعها عن طريق طلبات الصداقة.
نصحتها صديقتها ألا تهتم بتلك الرجال المزيفين الذين يستهينون بمشاعر الأنثى و أن تهتم بعمل يملأ وقتها و تثبت ذاتها، بالفعل طبقت ما سمعته من صديقتها و أصبحت عندها كرير على السوشال ميديا.
و بينما هى غارقة في عملها و الرد على المتابعات جاء لها طلب صداقة من طبيب في الأربعين من عمره فقبلت الطلب و كالعادة أرسل خاص ليشكرها و توالت المحادثات بينهما و قص لها عن حياته أشياء خاصة جدا و عن معاناته التي يعيشها حتى علاقته الغريبة بأمه.
تعاطفت مع قصته الأليمة التي يعيشها مع أمه و كيف أن أمه تضع يدها على إرثه من أبيه هى و عمه شقيق أبيه و كيف أنه إكتشف أن أمه تضع له مخدراً في شرابه بحكم أنها دكتورة صيدلانية حتى توهمه أنه مريض نفسي.
كان يمر عليه يومان و هو نائم و عندما يستيقظ لا يستطيع أن يتمالك توازنه و معظم الوقت يشعر أنه في غيبوبة تامة و قد حصلت أمه منه على توكيل عام شامل حتى تستولى على ميراثه، و أنها لا تريده أن يرتبط بأي إنسانه بعد أن طلق زوجته التي كانت من إختيار أمه و التي لم يجدها بكراً فتركت له صدمة نفسة ولكن تم الطلاق.
لكن أمه لا ترغب أن يرتبط بأخرى حتى لا تساعده في عدم سيطرتها عليه، فكان ينام بشقته و عندما يستيقظ يجد نفسه في شاليه بالساحل، فكل هذا القصص جعل ياسمين تُصر أن تقف بجانبه فأخبرت أحد أبنائها بالأمر و أنها تحب ذلك الشخص و هو يريد أن يتزوجها لكن يريد أن يتخلص من سيطرة أمه، ثم عرفته على إبنها و طلب يدها من إبنها ووافق الإبن و اتفقا على لقاء حتى يتمموا الزواج.
لكن أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، فأخذت تتصل به على هاتفه فظلت ترسل له فلم يجيبها طوال اليوم تحاول الإتصال و هو لايجيب ترسل له رسائل فلا يجيب، و فجأة جاءت لها رساله بأنه توفى هذه الرسالة من أمه هى التي كتبتها و أرسلتها من هاتفه.
ياسمين انهارت وكادت تفقد حياتها وهى ترد على أمه تقول لها أنتِ كاذبة أكيد أنتِ أخفيتيه في مكان ما والأم ترد عليها بدماءٍ بارده أنه توفى و تم دفنه و أخذت الأم تسبها و ياسمين تتهمها بأنها فعلت به الأفاعيل و أنه قد حكى لها ما كان يحدث له منها، ياسمين هنا تذكرت صديقتها فأتصلت بها و قصت عليها كل القصة.
لكن صديقتها لم تصدق قصته التي قصها علىها.
سألتها هل سمعتي صوت و الدته أم ظجرد رسائل فقط قالت لها رسائل فقط..تنهدت الصديقة وقالت لها كل هذا خيال من إنسان نسج لكِ قصة وهمية من الخيال والأوهام وأستغل مشاعرك الطاهرة هو كان يقضي معكِ وقتا لطيفا في حين أنتِ غارقة في حب حقيقي وتنسجين من مشاعر الحب رداءاً لتلتحفي به وسط تلك الوحدة القاسية و هو في المقابل يكذب.
إنه شخصية وهمية كأنها أحلام لا وجود لكل كلامه فكل حرف في قصته لا تدخل العقل على الإطلاق، هنا فاقت ياسمين من سكرتها فتحليل صديقتها أقرب للحقيقة فجعلت ابنها يسأل عنه في بعض الأماكن التي قال لها أنه يتردد عليها فلم يستدل عليه لأن اسمه أيضا كان مزيف، ثم بعد أسبوع اتصلت به من رقم غريب فأجاب و سمعت صوته فأغلقت الخط وأيقنت أنها عقدت صفقة من أحلام خاسرة، أنهارت، وارتفع عليها السكر لإنها مريضة سكر وضغط و انتقلت للمستشفى.
3 أراء حول “أحلام خاسرة”