العاصفة التي غيرت مجرى القرية
العاصفة التي غيرت مجرى القرية
قصة تأليف خالد محمود
في قرية صغيرة بعيدة، عاش رجل حكيم يدعى يوسف. كان يوسف معروفًا بحكمته الواسعة ونصائحه التي تهدئ النفوس وتفتح العقول. لكنه لم يكن محبوبًا بين أهل القرية، بل كان يُنظر إليه بشيء من الاستغراب واللامبالاة.
على الجانب الآخر من القرية، كان هناك شاب يدعى سامي. لم يكن سامي معروفًا بأي شيء مفيد أو نافع، بل كان يسلي الناس بأغانيه التافهة وكلماته التي لا تحمل أي معنى. كانت أغاني سامي تتردد في كل أرجاء القرية، وكان الناس يتجمعون حوله في الأسواق والأعياد، يرقصون ويغنون معه.
وفي أحد الأيام، قررت القرية إقامة احتفال كبير.
دعا الناس سامي ليغني لهم ويبهجهم بأغانيه، بينما جلس يوسف في زاوية بعيدة، يتأمل في الحال الذي وصلت إليه القرية. في منتصف الاحتفال، أصابت القرية عاصفة قوية، وبدأ الناس يهربون بحثًا عن مأوى.
وقف يوسف ورفع صوته لينبه الناس إلى كهف قريب يمكنهم الاحتماء فيه. لكن وسط ضجيج الاحتفال وأغاني سامي، لم ينتبه أحد لتحذيرات يوسف. استمر الناس في الركض والفوضى، غير مدركين للخطر المحدق بهم.
بعد أن هدأت العاصفة، اكتشف الناس أن يوسف كان على حق، وأن الكهف كان يمكن أن ينقذهم من الكثير من الأضرار. بدأوا يشعرون بالخجل والندم لأنهم لم يستمعوا إليه. أدركوا أنهم كانوا منشغلين بالتفاهات وسراب المتعة الزائلة، متجاهلين العقل والحكمة.
تجمع الناس حول يوسف، وطلبوا منه أن يسامحهم على جهلهم وتجاهلهم. قال لهم يوسف بلطف: “الحكمة لا تأتي بالصراخ ولا بالضجيج. أحيانًا، علينا أن نصمت لنسمع صوت العقل والحقيقة.”
منذ ذلك اليوم، تغير حال القرية. بدأ الناس يقدرون الحكمة والمعرفة، وأصبح يوسف المستشار الأول لهم. لم يتوقفوا عن الغناء والاحتفال، لكنهم تعلموا أن يوازنوا بين التسلية والتفكير العميق، بين الضحك والاستماع لصوت العقل.
أدركوا أن النجاح الحقيقي لا يكمن في الشهرة الزائفة أو الكلمات الجوفاء، بل في البحث عن الحقيقة والتعلم من الحكماء. وهكذا، تحولت القرية من مجتمع تافه إلى مجتمع يسعى نحو المعرفة والحكمة، بفضل يوسف وصبره وإصراره على نشر النور في قلوب الناس.