هل الجميع فعلاً بخير ؟؟

هل الجميع فعلاً بخير ؟؟
هل نبحث فعلاً عن الوهم؟؟

هل الجميع فعلاً بخير ؟؟
أحمد سلامة التهامي
يطرح علينا المبدع الإيطالي جوزيبي تورناتوري هذا السؤال في رائعته ( every body is fine) لكن المشكلة هي الإجابة على هذا السؤال .
ستكون الإجابة من خلال رحلة الأب العجوز “ماتيو”الذي أداة المخضرم مارشيلو ماستورياني ، الذي يريد الإطمئنان على أولاده الخمسه فقرر أن يفاجئهم بزيارة لهم في بيوتهم لنرى معه هل الجميع بخير .
و من خلال رحلته بالقطار من صقلية إلى عدة مدن حيث يتواجد أبناء ماتيو نراه يتحدث بفخرعن أبناؤه و نجاحهم في الحياة ،
و نكتشف مع الأب الذي لم ينجح في العثور عليه بجامعته في نابولي فيتوجه للإبن الثاني السياسي الذي نكتشف أنه سكرتير لعضو برلمان . ثم يتوجه لابنته الممثلة الناجحه التي نجدها عارضة الملابس الداخليه و ام عزباء لطفل مجهول الأب .
ثم يتوجه لابنه الرابع في ميلانو العازف الأوبرالي الذي يمر بالانفصال عن زوجته ، ثم يتوجه لابنته الأخيرة في تورينو المديرة التي سنجدها عاملة تلغراف، و التي سيستمع لحوار لها مع زوجها الذي هجرها و حضر من أجل إظهار صورة العائلة المثالية أمام والدها. وهنا تتأكد هواجس الأب حول حقيقة الصورة التي يظهرها أبناؤه له ، و يترك منزل ابنته إلى الشارع وسط المشردين ، حيث يرى اولاده عادوا أطفالاً و يخبروه بحقيقتهم و أنهم كذبوا عليه لأنه مريض و عجوز و سيموت قريباً، ثم يأتي المشهد الذي دعا عائلته جميعاً لعشاء أخير في روما لم يحضر سوى ابناه و يخبرها أن ابنه الأول الغائب قد انتحر ، و بنهاية الفيلم يعود لصقلية و هنا سنكتشف و فاة زوجته التي كان يخاطبها في بداية الأحداث حيث أنه كان يخاطب روحها طول الوقت و هو أمام قبرها ليطمئنها أن الجميع بخير.
لا يمكن أن نغفل روعة موسيقى إينيو موريكوني ، شريك تورناتوري في معظم أفلامه ، حيث تضع المشاهد في البعد الوجداني للبطل .
كعادة المبدع تورناتوري يظهر لنا الإختلاف بين عالمين القديم الجميل متمثلاً في الأب و مدينة صقلية و بين العالم الحديث القبيح الذي طغت عليه الرأسمالية بقبحها و سحقها للإنسان و أمنياته.
مشاهد الازدحام و ارتداء الناس الكمامات تجنباً للتلوث و الإضراب و تعرض الأب للسرقة بمترو الأنفاق و عدم اكتراث الناس تظهر حالة اللامبالاة التي أصابت المجتمعات الحديثة.
مشهد الضباب بتورينو حين يكتشف الأب الحقيقة يظهر لنا ضبابية رؤية الأب لأولاده و عدم دقتها بجانب التلوث الذي أصابهم .

جريدة مصر جايه
مشهد النهاية حيث يتم وضع المال للمولود أثناء قص أظافره ليصبح ثري و ذو نفوذ يظهر لنا العودة للتراث و ثقافة الأجداد و أنها لا غنى عنها لمواجهة المستقبل ، و إن كانت اعترافا بهزيمة الإنسان الحالم أمام سطوة المال و النفوذ .
ليعود المشاهد متسائلاً في نهاية الفيلم هل الجميع بخير ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *