حقيقة الاحتفال بشم النسيم

حقيقة الاحتفال بشم النسيم

حقيقة الاحتفال بشم النسيم

بقلم: أ.د  فاطمة جابر السيد يوسف عضو هيئة تدريس بقسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بني سويف – جامعة الأزهر الشريف

 

شم النسيم من أعياد الفراعنة، نقله عنهم بنو إسرائيل، ثم انتقل إلى الأقباط بعد ذلك، وصار في العصر الحاضر عيدًا شعبيًا يحتفل به كثير من أهل مصر من أقباط ومسلمين وغيره.

 

كانت أعياد الفراعنة ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة؛ ولذلك احتفلوا بعيد الربيع الذي حددوا ميعاده بالانقلاب الربيعي، وهو اليوم الذي يتساوى فيه الليل والنهار وقت حلول الشمس.

 

ويقع في الخامس والعشرين من شهر برمهات، وكانوا يعتقدون كما ورد في كتابهم المقدس عندهم أن ذلك اليوم هو أول الزمان، أو بدء خلق العالم.

مظاهر الاحتفال بشم النسيم:
يخرج المحتفلون بعيد شم النسيم جماعات إلى الحدائق والحقول والمنتزهات؛ ليكونوا في استقبال الشمس عند شروقها، وقد اعتادوا أن يحملوا معهم طعامهم وشرابهم، ويقضوا يومهم في الاحتفال بالعيد ابتداء من شروق الشمس حتى غروبها .

أطعمة هذا العيد:
كان لشم النسيم أطعمته التقليدية المفضلة، وما ارتبط بها من عادات وتقاليد أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الاحتفال بالعيد نفسه، والطابع المميز له والتي انتقلت من الفراعنة عبر العصور الطويلة إلى عصرنا الحاضر.

وتشمل قائمة الأطعمة المميزة لمائدة شم النسيم: (البيض، والفسيخ، والبصل، والخس ) وقد أخذ كثير ممن يحتفلون بأعياد الربيع في دول الغرب والشرق كثيرًا من مظاهر عيد شم النسيم ونقلوها في أعيادهم الربيعية.

حكم الاحتفال بشم النسيم :
ــ لا شك أن التمتع بمباهج الحياة من أكل وشرب وتنزه أمر مباح ما دام في الإِطار المشروع، الذي لا ترتكب فيه معصية.

 

ولا تنتهك حرمة ولا ينبعث من عقيدة فاسدة لكن الإِسلام يريد من المسلم أن تكون له شخصية مستقلة فاهمة، حريصة على الخير بعيدة عن الشر والانزلاق إليه.

 

وعن التقليد الأعمى، فلماذا نحرص على شم النسيم في هذا اليوم بعينه والنسيم موجود في كل يوم؟ إنه لا يَعْدُو أن يكون يوما عاديًّا من أيام الله حكمه كحكم سائرها.

 

بل إن فيه شائبة تحمل على اليقظة والتبصر والحذر، وهى ارتباطه بعقائد لا يقرها الدين، حيث كان الزعم أن المسيح قام من قبره وشم نسيم الحياة بعد الموت.

ولماذا نحرص على طعام بعينه في هذا اليوم، وقد رأينا ارتباطه بخرافات أو عقائد غير صحيحة، مع أن الحلال كثير وهو موجود في كل وقت؛ إن هذا الحرص يبرر لنا أن ننصح بعدم المشاركة في الاحتفال به.

 

مع مراعاة أن المجاملة على حساب الدين والخلق والكرامة ممنوعة لا يقرها دين ولا عقل سليم
فالاحتفال به فيه مشابهة للأمة الفرعونية في شعائرها الوثنية؛ إن هذا العيد شعيرة من شعائرهم المرتبطة بدينهم الوثني، والله تعالى حذرنا من الشرك ودواعيه وما يفضي إليه.

 

كما قال ـ سبحانه ـ مخاطبًا رسوله – صلى الله عليه وآله وسلم -: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } (الزمر:65 – 66).

 

ولقد قضى الله سبحانه ـ وهو أحكم الحاكمين ـ بأن من مات على الشرك فهو مخلد في النار؛ كما قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)}

(النساء:48).وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)} (النساء:116).
ـــ كما أن اسم هذا العيد ومظاهره وشعائره من بيض مصبوغ أو منقوش وفسيخ (سمك مملح) وبصل وخس وغيرها هي عين ما كان موجودًا عند الفراعنة الوثنين.

 

ولها ارتباط بعقائد فاسدة كاعتقادهم في البصل إذا وضع تحت الوسادة أو علق على الباب أو ما شابه ذلك فإنه يشفي من الأمراض ويطرد الجان.

كما حصل في الأسطورة الفرعونية، ومن فعل ذلك فهو يقتدي بالفراعنة في خصيصة من خصائص دينهم الوثني، والنبي – صلى الله عليه وآله وسلم – يقول: «مًنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» (رواه أبو داود وقال الألباني: حسن صحيح).

وهذه الاعتقادات التي يعتقدونها في طعام عيد شم النسيم وبيضه وبصله مناقضة لعقيدة المسلم، فكيف إذا انضم إلى ذلك أنها مأخوذة من عباد الأوثان الفراعنة؟ لا شك أن حرمتها أشد؛ لأنها جمعت بين الوقوع في الاعتقاد الباطل وبين التشبه المذموم.

ناهيك عن ما فيه من اختلاط، وتهتك في اللباس، وعلاقات محرمة بين الجنسين، ورقص ومجون، إضافة إلى المزامير والطبول وما شاكلها من آلات اللهو، فيكون قد أضيف إليه مع كونه تشبهًا بالوثنيين في شعائرهم جملة من مظاهر الفسق والفجور كافية في التنفير عنه، والتحذير منه.

 

حقيقة الاحتفال بشم النسيم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *