سؤال الشر.. اللقاء السابع
سؤال الشر.. اللقاء السابع
بقلم : محمد فتحي شعبان
ربي
أدخلني مدخل صدق
و أخرجني مخرج صدق
واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا
ألا يمنعن رجلا هيبة الناس
أن يقول بحق إذا علمه
أسعد الله حياة الجميع :
انتهينا في اللقاء السادس إلي عرض سؤال غاية في الأهمية وكان سببا في ضلال الكثير وهو …ألا يكون خلق الله تعالى لقدرة العباد و مشيئتهم وأعمالهم منافي لمسئوليتهم عن أفعالهم ؟
وجواب هذا السؤال في عدة نقاط ( كما ذكر دكتور هشام عزمى في كتابه المعنون سؤال الشر )
أولا : إثبات مشيئة الله تبارك وتعالي وإرادته الكونية التي لا يقع شىء في العالم إلا بها وإثبات خلقه لأفعال العباد ، لا يعني انتفاء مسئولية العباد عن أعمالهم أو إلغاء مشيئتهم ، بل لقد قال تعالي : ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) سورة الإنسان فأثبت سبحانه أن للعباد مشيئة ، لكنها تحت مشيئة الله سبحانه وتابعة لها .
وكذلك إثبات أثر لمشيئة العباد في وجود الفعل دون استقلال لا يعني إلغاء مشيئتهم ، بل لهم مشيئة موجودة مخلوقة ، و مشيئة الله تنفذ فيهم من خلال ما يفعلون بأنفسهم و بمشيئتهم ، فمشيئة العباد لها أثر علي وجه الحقيقة في أفعالهم ، وبها تقع هذه الأفعال ، وهذا هو الكسب ، قال تعالي 🙁 لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ) البقرة .
فهناك إرادة حقيقية و مشيئة حقيقية للعباد مخلوقة لله ، وعليها يكون الحساب والمسئولية ، فالبعض يتصور أنه لكي يكون العبد مسئولا عن أفعاله ، لا بد أن تكون إرادته ومشيئته فيها حرة تامة مطلقة ، وهذا هو موطن الخلل ! فالإرادة عند البعض إما أن تكون صورية شكلية مجازية ليس لها أثر في أفعال العبد ولا حقيقة ، وإما أن تكون حرة تامة مطلقة ليس لله عليها قدرة ولا سلطان ، وكلا المذهبين خطأ ، إنما الحق وسط بين المذهبين ، فهي إرادة حقيقية لها أثر حقيقي ، لكنها مخلوقة لله وتحت إرادته ومشيئته ، ومحدودة غير مطلقة ، والحساب والمسئولية علي الأفعال تكون بحسب ما منحه الله لهذه الإرادة من أثر وفاعلية ، فالمسئولية أيضا محدودة ليست مطلقة ، إن جاز هذا التعبير ، بل هي في حدود ما منحه الله لإرادة الإنسان من أثر وفاعلية ، فالله عدل حكيم يحاسب عباده في حدود ما منحهم من اختيار وفعل ، ولا يؤاخذهم فيما يتجاوز إرادتهم المخلوقة ، فالإرادة البشرية تعتريها العوارض من صغر السن والجنون والإكراه وعدم بلوغ الرسالة ، والله جل وعلا يحاسب علي قدر الذنب ، وفي حدود ما منحه للإنسان من إرادة واختيار ، فخلاصة الأمر أن مسئولية الإنسان عن أفعاله لا يلزم لها أن يكون صاحب إرادة حرة مطلقة ، بل ما خلقه الله للإنسان من إرادة واختيار ومشيئة كاف تماما في بلوغه نصاب المسئولية عن أفعالهم وتصرفاتهم .
إذن فالإنسان يحاسب علي قدر ما منح له من إرادة ، فبما أن إرادة الإنسان غير مطلقة فإن مسئوليته غير مطلقة ،والله منحه من الإرادة ما هو كاف للمسئولية .
وما زال الحديث مستمرا .