صنع الله.. أمريكانلي«امري كان لي » 

صنع الله.. أمريكانلي«امري كان لي » 

صنع الله.. أمريكانلي«امري كان لي » 

ابو سفيان 

هل تعد الرواية من مصادر التاريخ
أسعد الله حياة الجميع :
بداية سأنقل إليكم فقرة من رواية ( أمريكانلي ) لصنع الله إبراهيم وصنع الله كاتب مصري ، حين تقرأ رواياته تشعر للوهلة الأولي أنها سرد لسيرة ذاتية للكاتب ، إذ تراه بطل لأحداث رواياته ، أيضا تري الجنس سمة من سمات رواياته إذ لا تخلو رواية له من ذكر الجنس ، في أمريكانلي أو امري كان لي يحكي عن رحلة دكتور شكري إلي امريكا وما دار معه هناك من أحداث ، ولكن هذا ليس موضوع كتابتي …إليك هذه الفقرة والتي أردت أن انقلها إلي القارئ بدون اي تعليق لتكون مدخلا لحديث آخر
( قال : تمام …الجنسية الأمريكية أمان في مصر ، كمان أنا في اتنين قرايب ليا اختلفا حول ملكية قطعة أرض في الصعيد ، واحد منهما عنده الجنسية الأمريكية ، تعرف ماذا حدث ، استنجد بالسفارة فتدخلت لدي وزارة الداخلية المصرية ، وعلي الفور راحت قوات الأمن المركزي موقع الأرض ، ومكنته من ملكيتها شوفت ) إلي هنا وانتهت الفقرة بلا اي تعليق .
حين قراءتي لهذه الرواية انتبهت للأحداث التاريخية التي تحكي عنها الرواية ، الفترة التي دارت فيها أحداث الرواية ، تفاصيل الحياة اليومية في تلك الفترة ، قفز إلي عقلي سؤال …هل من الممكن أن تكون الرواية مصدرا للتاريخ ؟
يقول محمود امين العالم ( إن الرواية تاريخ متخيل داخل التاريخ الموضوعي ) يعني ماذا …
بداية لا بد من التفرقة بين التأريخ بالهمزة والتاريخ بدون همزة …التأريخ يعني الكتابة عما يحدث أي نقل الأحداث كما هي أما التاريخ بدون همزة هو إعادة قراءة ما حدث ، وإعادة كتابته بصورة أخري أقرب إلي الحقيقة.

تتناول الرواية الظواهر الاجتماعية ، وما يدور في المجتمع من تغييرات سواء كانت اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو ثقافية وهذه الظواهر لها تأثيرها في التاريخ ، فمثلا في هذه الرواية تجد نقلا لظواهر مثل هجرة العقول العربية إلي امريكا ، تأثير التيارات الفكرية مثل الشيوعية والاشتراكية في مجريات أمور المجتمع المصري ، وجود الفساد حتي في الجامعات وممارسة الإرهاب السلطوي ، ثقافة المجتمع وعلي حد قول الكاتب التحرر وهو يظهر في ملابس النساء وعلاقات النساء بالرجال .

 

في روايات أخري مثل ثلاثية نجيب محفوظ ، و ميرامار ، ايضا رواية حكاية مملة لأنطون تشيخوف ، و السقا مات ليوسف السباعي ، وايضا رواية اللجنة لنفس الكاتب ( صنع الله ) وغير ذلك من الروايات ، تجد فيها نقلا للعادات والتقاليد السائدة في الفترة الزمنية التي تدور فيها الرواية ، وقد تجد في الرواية ما لا تجده في كتب التاريخ الرسمية ، فمثلا الكلمات و الالفاظ والأزياء ، هناك بعض أمور يغفلها المؤرخ ولكن يعتني بها الراوي في كتابته.

ويبقي السؤال هل الرواية تعد مصدرا للتاريخ …
علي ما ذكر تعد الرواية مصدرا غير رسميا وغير موثق بدرجة عالية للتاريخ ، يعني أنها مصدرا ثانويا ، فالرواية تتأثر بوجه نظر الكاتب وميوله السياسية والثقافية وهذا واضح جدا في العديد من الروايات ، تراها هنا ايضا في هذه الرواية في الحديث عن الاشتراكية وشخصية الدكتور المشرف علي رسالته.

هناك أيضا نقطة أريد التنبيه إليها وهي الفرق بين أن تكون الرواية مصدرا للتاريخ وان يكون التاريخ مصدرا للرواية وهي ما تسمي الرواية التاريخية ، فهي تستلهم التاريخ ليكون هو مجال الحكي ، فقد يتخذ الراوي حقبة تاريخية ثم ينسج حكاية من وحي خياله تدور في تلك الحقبة.

 

وقد يحكي الراوي أحداثا حقيقة ويستخدم شخصيات حقيقة ولكن يحكيها من خلال حكاية فيمتزج الواقع بالخيال ، وقد يستلهم الماضي فيقوم بإسقاطه علي الواقع ، فيقوم باختيار أحداث تاريخية توافق ما يحدث في واقعه ، أو يقوم بحكي ما يحدث في الواقع بأسماء شخصيات من التاريخ.

الرواية إذن ليست مصدرا موثقا للتاريخ فهي عملا خياليا من ابداع خيال المؤلف و تتأثر برؤيته للأحداث والشخصيات.

صنع الله.. أمريكانلي«امري كان لي » 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *