سؤال الشر اللقاء الثالث
سؤال الشر
اللقاء الثالث
بقلم : محمد فتحى شعبان
ربي
أدخلني مدخل صدق
و أخرجني مخرج صدق
و اجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا .
ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه.
أسعد الله حياة الجميع .
مازلنا مع سؤال الشر …اللقاء اليوم حول إرادة الله سبحانه و الإيمان بالقدر اربع مراتب وهي العلم ، الكتابة ، الخلق ، الإرادة ، لكن الحديث سيكون عن الإرادة ، وفهم مرتبة الإرادة مهم لفهم قضية وجود الشرور في العالم .
بداية لك أن تعلم أن الله عليم و أن علم الله محيط وشامل ، وأن عقول العالمين ومعارفهم و علومهم وحكمهم تقصر عن الإحاطة بتفاصيل حكمة الرب تعالي في أصغر مخلوقاته .
جريدة مصر جايه
أيضا لك أن تعلم أنه سبحانه حكيم لا يفعل شيئا عبثا ولا لغير معني ومصلحة و حكمة هي الغاية المقصودة بالفعل .
لك أن تعلم كذلك أنه لا يخرج شىء في خلق الله و ملكه عن إرادته ومشيئته وقدرته ، فلا يقع في ملكه إلا ما يشاء .
لك أن تعلم أيضا أن الله ربط الأسباب بمسبباتها شرعا و قدرا .
من مراتب الإيمان بالقدر الإيمان بمشيئة الله النافذة وإرادته ، فليس شىء في الكون من حركة ولا سكون ، ولا خير ولا شر ، ولا كفر ولا إيمان ، ولا أفعال اضطرارية ولا اختيارية للمخلوقين إلا بمشيئة الله وإرادته .
والنزاع دوما في السؤال المشهور هل الإنسان مخير أم مسير إنما يكون في الأفعال الاختيارية ، إذ لا يوجد نزاع اصلا في الأفعال الاضطرارية لأنها خارجة عن إرادة الإنسان .
وجواب هذا السؤال أن الإنسان مخير بمعنى أن له اختيارا وإرادة وقدرة و مشيئة ، ولكن ليست إرادة حرة مطلقة ليس لله عليها سلطان ولا قدرة ولا إرادة ، بل هي تحت إرادة الله ومشيئته وقدرته .
وإذا نظرنا في صفة الإرادة الإلهية نجدها ترد في القرءان علي نوعين :
1- الإرادة الكونية : وهي التي تكون بها الأشياء وتقع بها ، مما أراد الله وجوده في الكون وإن لم يكن محبوبا في ذاته ، لكن أراد الله وجوده لمصلحة وحكمة بالغة ، وهذه الإرادة الكونية تشمل كل الموجودات ، خيرها وشرها ، ما أحب الله منها وما أبغض ، وما مدحه وما ذمه ، فخلق الله ما يرضاه وما لا يرضاه ، وما أراده شرعا وما نهى عنه شرعا.
2- الإرادة الشرعية : فهى ما أراد الله وجوده شرعا مما هو محبوب له ، وهى تشمل كل ما شرعه الله لعباده مما أمر به من الطاعات وما نهى عنه من المعاصي والمخالفات ، وهذه الإرادة الشرعية لا يلزم حصولها ، فقد تقع من البعض دون البعض الآخر ، وهذه الإرادة الشرعية تتعلق بكل ما يحبه الله ويرضاه فقط .
فالخير في العالم موافق لإرادة الله الكونية والإرادة الشرعية ، والشر مخالف لإرادة الله الشرعية لا الكونية ، و بهذا يتبين لنا أن الإرادتين الشرعية و الكونية يجتمعان في وجود الخير في العالم ، لكن هاتان الإرادتان يفترقان في حالة الشر .
وما زال للحديث بقية