محمد فتحي يكتب يوميات من سوق زينب
محمد فتحي يكتب يوميات من سوق زينب
الحلقة الثانية
مرت عدة أيام لم أجلس في الشرفة ولم أتابع ما يحدث في السوق ، اليوم راحة من العمل لكني استيقظت مبكرا كالعادة ، الجميع نيام ، وحدي أدور بين حجرات البيت ، تأخذني أفكار شتي ، أحاول العودة إلي النوم مرة أخري لكن هيهات فقد ذهب النوم ، أدخل إلي غرفة مكتبي أحاول اختيار كتاب للقراءة فيه ، تتنقل عيني بين بيروت بيروت لصنع الله إبراهيم ، حديث الصباح والمساء لنجيب محفوظ ،والمعذبون في الأرض لطه حسين،وأخيرا يقع
اختياري علي تاريخ الأندلس لراغب السرجاني ، مازالت كتب التاريخ هي عشقي الأكبر ، خاصة الكتب التي ألفها كل من الصلابي و السرجاني فأسلوبهما سلس جدا يجذبك للقراءة ، ها هي شمس الصباح بدأت في الظهور وتعلن سيطرتها علي الوجود ، الباعة يعلنون وصولهم إلي السوق عبر أصواتهم المرتفعة ، أخرج إلي الشرفة علي أتم استعداد ، أفتح كتاب السرجاني علي أحداث دخول عبد الرحمن بن معاوية بن هشام المشهور بعبد الرحمن الداخل إلي الأندلس بعد هروبه من العباسيين ودخوله إلي القيروان، وما حدث له مع عبد الرحمن بن حبيب الفهري ، تلتقط أذني صوت زينب عجمي وهي تنادي علي بضاعتها كأنها تتغنى ، أنظر إليها تحدث أحد الزبائن ، تتحدث بالعين و الحاجب ، الأستاذة نهال المحامية تدخل سوبر ماركت الأفندي ، يرحب بها أحمد الأفندي ويلبي طلباتها ، مسعود صاحب مطعم الفول والفلافل يبدو متوترا لان سناء لم تظهر منذ يومين ، الحاجة أم ناجي بائعة الخضرة تجلس مكان سناء لتكون قريبة من الزبائن ، علي بغدادي صاحب المخبز يجلس جلسه المفضلة امام المخبز ، متولي بائع الطماطم يترك فرشه ذاهبا للحاج حسن الطيب العطار ،ياخذ منه بعض الأعشاب التي طلبها ،يخبئها في جيب جلبابه ثم يعود إلي مكانه ، علي بغدادي يلمحه بطرف عينه فيتبسم في خبث ، مروة الممرضة تخرج لتشتري حاجيات بيتها ، تسأل أم ناجي عن سناء فتخبرها أنها لا تعرف شيئا عنها ، متولي يشاكس زينب وهي ترد عليه ، تظهر رباب بنت الحاج حسن الطيب متجهة إلي محل والدها ، تتابعها نظرات علي الأفندي الذي يبدو كالعاشق ، بينما تخفض هي نظراتها إلي الأرض في حياء ، كأنها تعلم أنه عاشق ، حور التي تبيع الخردوات أما قهوة فرغلي تنادي بصوتها الرفيع كأنها تريد إخبار الجميع أنها هنا ، ميادة بنت زينب عجمي تأتي إلي أمها ثم تذهب إلي حور التي اجتمع حولها النسوة لشراء ( التوك وبنس الشعر وغير ذلك ) تنتقي بعض الأشياء ثم تعود إلي أمها تأخذ بعض الخضروات وتمضي إلي بيتهم علي حدود السوق .
أعود لتاريخ الأندلس لكن أسمع صوت أم العيال تصرخ فيهم ، فأترك التاريخ والمؤرخين و أذهب إلي الأولاد وأمهم
بقلم / محمد فتحي شعبان