للكون إله
للكون إله.. إن الذين يقولون إن الإنسان أصله قرد هم القردة والخنازير، وللذين يقولون أن الكون مخلوقا بالطبيعة أقول لهم كما قال الأعرابي عندما سئل عن وجود الله
ان البعرة تدل علي البعير وأثر السير يدل على المسير أسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج أفلا يدلان علي اللطيف الخبير.
وللذين يحاولون ان يعرفوا شيئا عن ذات الله اقول كما قال الشيخ الغزالي، أن من يكلف نفسه أن يعرف شيئا عن ذات ربه كمن يكلف نملة أن تحمل الأهرام
ولا أفهم لماذا لا يتركنا المفكرون الماديون نعيش اعتباطا و على مزاجنا مادمنا قد جئنا بالمصادفة و نموت بالمصادفة و مادامت الحياة من بدئها إلى نهايتها خبط عشواء في خبط عشواء، و ليس بعدها إلا التراب.
لماذ يثيرون هذه الحروب الدموية و يضربون الناس بعضهم ببعض في معركة مذاهب لا نهاية لها؟
لماذا هذا العنف و القهر و الجبر و السحق؟
و من أجل ماذا و لا حق هناك.. إنما هي مهزلة من المصادفات جاءت بنا إلى الدنيا بدون حكمة ثم هي تقضي علينا بدون معنى.. ثم يكون الصمت و التراب و العدم بلا بعث و بلا حساب.. هكذا يقولون.. و هكذا يعتقدون.. فلماذا هذا الجنون و لماذا قتل الناس و ذبح الناس.. إذا كانت هكذا عقيدتهم؟
و لن أناقش حكاية المصادفات الساذجة، فهي لا تحتاج إلى مناقشة، و يكفي أن ننظر إلى جناح فراش بنسجه و ألوانه و نقوشه لنعرف أننا أمام فنان مبدع و ريشة ملهمة لم تترك بقعة واحدة و لا خطا واحد للمصادفة، و إنما هي سيمفونية رائعة من الخطوط و الألوان.
بعوضة تافهة تضع بيضها على الماء فنكتشف حينما ننظر أن كل بيضة لها كيسان للطفو.. من علم البعوضة قوانين أرشميدس لتصنع هذه الأكياس الهوائية لتعويم بيضها على الماء؟
أشجار الصحارى و هي تنثر بذورها.. فإذا لكل بذرة أجنحة..من علم الأشجار قوانين الحمل الهوائي؟
و كيف أدركت تلك الأشجار التي بلا عقل أن على بذورها أن تقطع مئات و آلاف الأميال في الصحارى بحثا عن ماء فزودتها بهذه الأجنحة؟
من علم الكتكوت أن يدق بمنقاره على أضعف مكان في البيضة ليخرج؟
من علم الحشرات فنون التنكر فراحت تتلون بألوان بيئاتها لتختفي عن الأنظار؟
من علم النحل قوانين العمارة لتبني هذه البيوت السداسية الدقيقة الجميلة من الشمع بدون آلات حاسبة و بدون مسطرة؟
من يهدي الطيور في رحلة الهجرة السنوية من نصف الكرة الأرضية إلى نصفها الآخر بدون بوصلة و بدون رادار.. عائدة إلى أوكارها؟
و مثلها الأسماك التي تهاجر عبر المحيطات و البحار لتضع بيضها.. لماذا لا نعترف ببساطة و بدون مكابرة أن هناك خالقا، وأنه هو الذي هدى رحلة التطور من الخلية إلى الإنسان. و أنه خلق كل شيء لحكمة وخلق الإنسان لهدف!
لماذا لا نعود إلى البداهة و الفطرة السوية السليمة التي ترى الإبداع في كل شيء من الذرة إلى ورق الشجر إلى جناح الفراش، إلى الشموس و المجرات في السماء.. فنصل إلى النتيجة البسيطة.. إن مثل هذا الإبداع و مثل هذا الخلق لا يمكن أن يكون سدى.. و الإنسان لا يمكن أن يخلق عبثا ليموت عبثا.. و إنما للقصة بقية.. و للموت ما بعده..
أم أن الجد الحمار قد خلف آثاره التي لا علاج لها في أحفاده المفكرين الماديين الذين يقتتلون على الهباء و يدورون في الخواء.
فلا معني للحياة والموت بلا بعثا وحساب ولا معني للبعث والحساب بلا جنة ونار
والبعض يختصم البعض وعند الله تحتكم الخصوم.
بقلم/ علي ربيع