الجلسة مسائية

الجلسة مسائية
شعر

الجلسة مسائية
بقلم / ولاء صبري الدسوقي

وقف الأستاذ عماد الدين في ردهة ضيقة مزدحمة تستقر عند نهايتها قاعة الجلسات.. منتظراً في استسلام لدوره في رول الجلسة…

إذ تأخر القاضي عن الموعد المحدد للجلسة المسائية…فسرى التململ في نفوس سائر الزملاء… وأخذوا يلعنون الحظ العاثر الذي أوقعهم في هذه المهنة الشاقة…

التى زال ما كان لها فى الماضي البعيد من مجد وصيت…وأصبحت وسيلة للتمرن على الصبر وتكفير الذنوب..

ولذا غدت المسبحة في كثير من الأحيان عزاءهم الوحيد…وإن لم تمح الصورة التي ارتسمت في ذهن الكثيرين عن المشتغلين بهذه المهنة ..
إذ يلجأ أغلبهم للحيلة والمراوغة لكسب الرزق..وهو ما يسميه البعض في عرف المهنة ذكاء…

ولما طال الانتظار دون بادرة أمل..انبرى الأستاذ عماد لسرد بعض حكاياته الطريفة…فذكر الموظفة الروتينية التي شارفت الستين والتي تتفنن في تعطيل أي طلب يقدم إليها

..وأخذ يسخر من طلاء الأظافر الموضوع بعناية …ويتمنى لو تولي طلباتهم بعضاً من هذه العناية…وكيف أنه ضاق يوماً بالروتين فصرخ في وجهها…فشرعت في البكاء…

وهو ما استثار مشاعره وشعر بالأسف تجاهها وفكر في اليوم التالي بدافع من انفعاله أن يهديها وردة…بيد أنه تراجع عن هذه المنحة السخية..واكتفى بالاعتذار حتى طوى الواقعة النسيان
وإن كان لا يجد بداً من روايتها كلما طال انتظاره في أي مكان
ولقد استرعت حكايته تلك انتباه من حوله ووجدوا فيها متنفساً لشكواهم…فمن منهم لم تغضبه تلك العجوز؟!

ولم يكتف الأستاذ بهذا القدر..وإنما أخذ ينتقد القانون الذي أصبح يناصب الرجل العداء…وينصف المرأة على الدوام..وأن النساء قليلو الصبر عديمو الحكمة…ناقصات عقل ودين…

ولولا ذلك لما ازدانت محاكم الأسرة بالمتقاضين…وأنه لذلك قد عزف عن الزواج رغم بلوغه الثلاثين..وإن لم يجد بداً من مغازلة الحسناوات..

وقطع حديثه الهازيء صوت الحاجب منادياً رول ١
فأسرع إلى موكلته …مذكراً لها بسؤال القاضي إياها..عن رغبتها في الصلح..فتجيب بأنها ترفض الصلح وتصمم على الطلاق .. فعشرته مستحيلة…

مصر جايه 

ويسأل القاضي في صورة روتينية عن أسباب الطلاق وعن وجود أبناء… وهل ستتنازل عن حقوقها…ويكتب ما تمليه عليه بصورة ٱلية..إذ لا يتيح الزحام في الخارج أية مناقشة..وتحال القضية لخبير للصلح…

وتحتج برفض الصلح فيصيح الحاجب رول ٢..بينما يحثها المحامي على الخروج… مطمئناً إياها بأنها إجراءات روتينية

وأن الطلاق واقع لا محالة…في حين تتلقى اتصالاً من معلمة الصف الدراسي …تطلب حضورها في اليوم التالي …لانخفاض مستوى نجلها التعليمي بشكل ملحوظ..

الجلسة مسائية
مقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *