أَعِنِي عَليّ
أَعِنِي عَليّ
ولاء صبري الدسوقي
هو له نفس جموح…نزاعة للهوى…له من كريم الخصال…حظ وفير…لكنه..جد ضعيف أمام نفسه… وأمام الدنيا…هو مفتون
بشهواتها…يعلم ذلك لا ريب…لكنّ صوتا…يكاد
يشبه الهمس…في باطنه..يناجي ربه …
“أي رب العرش العظيم…اغفر ذلتي..وامح خطيئتي…وألهمني الرشاد”
.. أحياناً…يرتفع ذلك الهمس قليلاً…فيحدث انفعالاً ذا أثر في نفس صاحبه..فيهرع للتوبة…هو يعلم أنَّه عائد لذنبه لا محالة…إلا أن يمنن عليه الرحمن…فيشرع
في اعتزال كل من حوله ..ويطلق لحيته…لا عن رغبة حقيقية في إطالتها…ولكنه يشبه نفسه بالراهب…الذي يعتزل الدنيا…ويعتصم بالدير..رغبةً منه في القربى…وكبح جماح الشهوات..كانت العزلة واللحية في تصوره طوق نجاة…
هو لم يفهم…ما قرأه ذات يوم…عن أن النفس الجموح كالليث الهصور…بحاجة دوماً إلى المراوضة…لا الشدة..
فكلما اعتزل شيء….خلا عقله من التفكير في كل شيء عداه..وعادت نفسه أشد ميلاً وأكثر جموحاً..
لذا فلم تسعفه عزلته ..ولم تعصمه لحيته…بل ربما ارتأى في قرارة نفسه…أنه أساء بمظهره ذاك…الذي يتوسم فيه كل من يراه الطهر …للدين الذى يحمله
فبالمنظور الإيماني…هو له نفس في طور الطفولة…ولكنه ..عازم على أن ترتدي…فجأة..وبلا أي مقدمات…أو دون التدرج في مراحل الإيمان..ثوب الشيوخ..كما هو حال الكثيرين…
هي رغبة سامية…لكن أن ترتدي ..ثوب الشيخ الجليل…عليك أن يكون لك حقيقة الشيخ الجليل وباطنه ..
فالدين ليس عباءة ولحية..ولا تقطيب وعزلة…لكنّه…رحلة من الكفاح…من الجهاد .. للنفس…قبل أن يكون جهاداً للٱخرين…
وإنَّ ثوب الدين…الذي يرغب كثيرون في ارتدائه… ينبغي أن يكون …ترجمة للمرحلة الإيمانية…وانعكاساً لجوهر وحقيقة الدين…
كي لا يكون ستاراً يخفي أشياء كثيرة يضر صاحبه ولا ينفعه… ويسيء للدين..ذاك الذى ود يوماً..أن يحمل رايته..