تعالى تاني
تعالى تاني
ولاء صبري الدسوقي
ليس هناك أحب إلي من أن أرتاد سوقاً شعبية…حيث يصطف البائعون على الجانبين…وتتلاصق الحوانيت…وتتعالى أصوات البائعين يستقطبون الزبائن ..
في أسلوب دعائي مميز..(تعالي يا أبلة ليكي ب١٠)
لتشعرك بخصوصية الصفقة واهتمام البائع بشأنك.. مع إمكانية تخفيض السعر…كلما أجدت فن الفصال…
أو ترجيء دفع جزء من الثمن..إذا ما أعوزتك النقود
أما المتاجر الكبرى…فكل شيء فيها ٱلي…حتى الابتسامة..قد اكتست بلون واحد مثل اليونيفورم الذي يرتديه البائعون…
وليس هناك فصال…وإنما offer موحد أيضاً…على بعض السلع…وإذا ما أعوزتك النقود…فأنت بحاجة للفيزا…
أو اترك ما لا تحوي حافظة نقودك ثمنه
وفي هذه الأسواق أيضاً..تجد ما لا تجده في المتاجر الكبرى…الروح…الابتسامة الصادقة …وٱثار الشقاء وأمارات الرضا …
والناس الطيبين…الذين يسألون عنك ويدعون لك بالسعادة ولوالديك بالعمر الطويل…
أما عن البضائع…فهي عرائس بغير تجميل…جمالها طبيعي
ليست بحاجة لزيف شركات الدعاية…
فالتفاح مثلاً لا يحتاج لأن يوضع في حافظة شبكية… أو أطباق الفلين… ويكتب عليه سعر يجعلك تفقد مذاقه
والدجاج غير مجمد…وإنما هو أمامك بريشه …الأبيض والملون وصوته المميز…واستغاثته…قبل مغادرة الحياة
والجبن القديم….يذكرك بجدك وجدتك…والساقية وشجرة الجميز وشاي الأصيل
أنا معك أن المتجر…يجمل الحقيقة..ويضعه فى عبوات بلاستيكية..غاية في الأناقة
وأنه لو رأت مسئولة منظمة الصحة العالمية.. الجبن القديم أو المش البلدي..في الأسواق الشعبية …
لكتبت تقريراً.. يعزي كل الأوبئة في العالم بشكل عام وتدهور الصحة في مصر بشكل خاص…إلى هذا الطعام
ولكني على يقين..أنها لو ذاقته دون أن تعرف مصدره…لكتبت اعتذاراً رسمياً…وطلبت منه المزيد…لها ولعم مارك..وزوجته أنطوانيت
نسيت أن أنبئك…عن التوكتوك…ذلك الشيء الذي يشبه العنكبوت السام…ويتأرجح يميناً ويساراً…وسائقه لا يحمل رخصة… وغالباً هو صبي قد جاوز العاشرة بقليل…
ولربما صدمك بقدمه الأمامية…وقال لك في وقاحة..مش تفتح يا أخ
وإن اعترضت…فلديه الرفاق …سائقي التكاتك…من أعمار شتى..لذا فالأحرى بك أن تقنعه …أنك ذاهب لإجراء كشف النظر…وشراء نظارة طبية
على أية حال… فالموضوع بسيط…لا تكثر من جداله…وسيمر الأمر بسلام
فهذه الأسواق…رغم جمالها وبساطتها الظاهرة..فهي غاية في التعقيد…
فكل شيء تغلب عليه الفوضى…وإن كان ذلك…مما يعلمك الحذر والانتباه!